أسرار جديدة في حياة الناصح الأمين.. الموت يمنع هاني الناظر من تحقيق هذا الحلم
حالة من الحزن أصابت كل من سمع بخبر وفاة الدكتور هاني الناظر، أستاذ أمراض الجلدية ورئيس المركز القومي للبحوث سابقا، وطبيب الإنسانية من الطراز الأول، الذي قدم خدمة فريدة من نوعها لمتابعيه على فيس بوك، حيث تحولت صفحته إلى مستشفى افتراضى يقصده مئات الآلاف من الأشخاص يوميا للحصول على استشارة طبية مجانية ترفع الألم وتساعد فى الشفاء لكثير من المرضى.
خصص الناظر جل وقته للإجابة على استفسارات المرضى، وكان يرى فى ذلك متعته الوحيدة فى الحياة، وكان دائما ينسب الفضل لوالدها في تعلم فعل الخير منه الذى كان هو الآخر أستاذا فى الأمراض الجلدية.
"الناظر" أكد فى حوار سابق له مع "فيتو" قبل وفاته أنه قدم استشارات طبية مجانية لما يقرب من مليون ونصف المليون مريض، وكان يحلم بتأسيس مستشفى أهلي لعلاج الأمراض الجلدية بالمجان على غرار معهد القلب بأسوان.
البداية التى خلقت هذا الطبيب الإنسان
كان والد هاني الناظر طبيب أمراض جلدية دائما معه فكان بالنسبة إليه مثله الأعلى ليس فقط فى الطب لكن أيضا فى العلاقات الاجتماعية وعلاقته بالأسرة والآخرين، فكان يحب أن يخدم الناس دائما ويحب عمل الخير.
وكان الناظر بطبيعته يحب مساعدة الآخرين ولا يتأخر عن خدمة أي شخص، وفى السنوات الأخيرة ظهر "فيس بوك" وكان بالنسبة له تكنولوجيا جديدة يجب أن ينظر للجانب المفيد فيها باعتباره باحثا فى المركز القومى للبحوث، فوجد منه نافذة يمكنه من خلالها التواصل مع الناس، خاصة أن هناك مرضى لا يقدرون على المجىء إلى عيادته نظرا لبعد سكنهم أو لعدم مقدرتهم ماديا، فاختار أن يذهب هو إليهم من خلال الرد على تساؤلات الحالات وإعطائهم العلاج المناسب وبهذا يكون قد وفر عليهم الوقت ومصاريف الكشف، حتى أصبح يقدم هذه الخدمة لأكثر من مليون و500 ألف إنسان.
المبدأ الذى كان يسير عليه هاني الناظر
أكد الناظر في حواره السابق لفيتو قبل وفاته أن مبدأه هو أنه ليس شرطا أن تكون ذو منصب كبير حتى تتمكن من خدمة الناس، فأي شخص يمكنه خدمة الإنسانية بمليون طريقة، فهو على سبيل المثال يشعر بخدمته هذه أنه يرد الجميل للناس وللوطن، قائلا: “أنا أستاذ بالمركز القومى للبحوث والمرتب الذى أتقاضاه يدفعه المواطن من الضرائب التي تؤخذ من راتبه لذا أحاول أن أقدم شيئا مفيدا للمجتمع، كما أننى مؤمن أن العلم الذى رزقنى الله إياه لا يجب أن أبخل به على الغير”.
التضحية براحته الشخصية مقابل مساعدة المرضى
أصبح على الناظر ضغط كبير جدا، بسبب حرصه على مساعدة المرضى، فأشار الناظر في حواره لفيتو قبل وفاته أنه كان لا يستطيع النوم ليلا إلا بعدما يراجع كل أسئلة الحالات على صفحته خوفا من أن يكون نسى أحدها سهوا، فأصبح لديه مسئولية تسبب له نوع من التوتر والشد العصبى.
وأضاف الناظر أنه عندما كان رئيسا للمركز القومى للبحوث لم يكن لديه حجم المسئولية الموجودة عنده حاليا، مؤكدا أنه تقريبا يعمل بنسبة 75% من اليوم، ويتبقى الفترة من الساعة الواحدة ليلا حتى الفجر التى ينام فيها، ولو أنه أحيانا عندما يقوم لصلاة الفجر كان يجيب على بعض الأسئلة الموجودة أيضا على الصفحة من الحالات.
“ الناس معتمدة أني سأرد عليهم لذا كان لا يمكننى أن أتجاهلهم أو أخذلهم فأشعر دائما أننى مثل التلميذ الذى يؤدى واجبه اليومى ولا يمكن أن يقصر فيه”، لهذه الدرجة كان الدكتور هاني الناظر حريصا على جبر الخواطر، وهذا ما أشار إليه في حواره، فلا يعلم الناس أن ابنه الدكتور محمد الناظر كان داخل غرفة العمليات تُجرى له عملية جراحية دقيقة وهو أمام الغرفة يجيب على أسئلة الحالات، فكان الناظر مع الناس 24 ساعة مجيبا على استفساراتهم بدون ضيق أو سأم.
وعن المجهود الكبير الذي كان يبذله الناظر في إجابته على مئات الآلاف من أسئلة المرضى، أكد طبيب أمراض الجلدية أن دعاء الناس كان يخفف عنه التعب، فكان يجد متعة كبيرة فيما يفعله، قائلا: “حينما أقدم خدمة لشخص ما وأجده يدعو لي فهذا عندى أعظم من أموال الدنيا كلها”.
وأعلن محمد الناظر نجل الدكتور هاني الناظر، وفاة والده بعد صراع مع المرض.
وكتب “محمد” عبر صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك: “إنا لله وإنا إليه راجعون. توفي إلى رحمة الله والدي الدكتور هاني الناظر. صلاة الجنازة اليوم الخميس ٢٢-٢-٢٠٢٤ في المجمع الإسلامي في الشيخ زايد بجوار مستشفى زايد التخصصي بعد صلاة العصر إن شاء الله. وسيتم الإعلان عن موعد ومكان العزاء".